ثقافة في كتابه الجديد: الاستاذ هادي خليل يقتحم حقل الصورة الفوتوغرافية من خلال اكثر من 600 صفحة تضمنت قراءة 165 صورة
بمناسبة صدور كتاب "في الصورة الفوتوغرافية: حكام ومحكومون" للأستاذ والناقد السينمائي الهادي خليل، نظم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات لقاء تم خلاله تقديم الكتاب ورؤية كاتبه لمسألة الصورة ورهاناتها بينما اهتم الأستاذ عبد الجليل بوقرّة بتقديم مسيرة الضيف الذي اشتغل لسنوات طويلة في الصحافة الثقافية والرياضية فضلا عن تدريسه اللغة الفرنسية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان وبسوسة، كما درّس الفرنسية والترجمة بجامعة الملك سعود بالسعودية من 2010 الى 2023 بعد سنوات من العمل قضاها في كل من العراق (1989-1991) وليبيا (1992).
ومما قاله عبد الجليل بوقرة عن الهادي خليل انه كاتب "مسارقي" يكتب الرواية والتحليل والسيرة الروائية والحوار مضيفا أنّ كتابه الأخير على غاية من الأهمية ويأتي كتتويج لمسار بحثي وأكاديمي وثقافي ونقدي وادبي وصحفي مُكلل بعديد الإصدارات في مجالي السينما والصورة باللغتين العربية والفرنسية، وقد اقتحم فيه خليل حقل الصورة الفوتوغرافية من خلال اكثر من 600 صفحة تضمنت قراءة 165 صورة موزعة بين فوتوغرافيا وفوتوغرام وفيديو وغيرها.
وكشف الهادي خليل أنّه أنجز الكتاب باللغة العربية لأن الكتابات عن الصورة الفوتوغرافية في العالم العربي نادرة، فالمكتبة العربية تفتقد الى مرجع شافي وضافي يخص الصورة الفوتوغرافية وفق تعبيره ملاحظا انّ أهميّة الصور لا تكمن في الفواجع وفي الصدمة الكبيرة التي تحدثها او في فيض المشاعر الإنسانية التي تثيرها بل في الوخزة (punctum) التي تمس ذاتك عند مشاهدتها.
كما أشار خليل الى أنّه أنهى كتابه "كلب بغداد" بجملة، وهي أنّ كاتب الكتاب كاسر من الكواسر، كاتب مفترس (Celui qui a écrit ce livre est un monstre) اذ تبيّن له انّ تحليل الصورة الفوتوغرافية يتطلب لعبة وهي لعبة الكواسر، لعبة المفترسين لأنّ الصورة تستوجب شراسة وصرامة مضيفا انّ "الكتاب أضناني لأنّ عملية الصورة الفوتوغرافية لا تشبه عملية تحليل نص، فهل لديك عين أم لا؟ لا يوجد هناك خيار آخر. فاذا لم تتكن تتمتع بعين ثاقبة، دع الأمور ولا فائدة في القيام بشطحات لا طائل من ورائها".
وفي نفس السياق، قال خليل "تبكيني الذبذبة الصغيرة للصورة، احتاج الى وساطة فنية والى صورة لكي تبكيني وتلهمني في البكاء على وقائع عائلية مدمرة. انا مدين للجامعة التونسية: الصرامة والتبويب والمنهجية، كل هذا تعلمته بفضل الأساتذة الذين درّسوني، تعملت الكثير من البحث الأكاديمي لكن كان لا بدّ لي ان أرّج هذا البحث وهذه الخبرة العلمية بواسطة تداعيات ذاتية في صلب الموضوع. يوجد في الكتاب مستويين، مستوى موضوعي -ولو اني اعترض على هذه الكلمة- ومستوى ذاتي وقد اردت ان ادغم هذا في ذاك وأبيّن انه لا يمكن قراءة هذا الكتاب بفصل مستوى على آخر، فهما متلاحمان، متجانسان ولا نفهم ما هو الوجع الموظف في هذا الكتاب الا بأخذ هاذين المستويين الاثنين بعين الاعتبار.
وتضمن الكتاب 5 أبواب أولها رولان بارت وآخرون والثاني تمثيلات المستعمِر والمستعمَر بين القديم والجديد وثالثها الأيقونة بين السطوع والافول ورابعها أسفار وصور وخامسها مقاطع من الرواية الشخصية والفيلمية.
ومن بين ما تضمنه الكتاب نص عنوانه "الفلسطينيون" للكاتب الفرنسي جان جونيه ونصوص حول الرواية النسائية السعودية وآخر حول المفكر السعودي عبد الله القصيمي وغيرها من النصوص الموغلة في عوالم الصورة والسينما والاعلام والرواية.
ومما ورد في خاتمة الكتاب فكرة تدعم تمشي الهادي خليل وتصوّره لحقل الصورة ومفادها انه "كلما اتخذ هذا العصر نسقا سريعا حثيثا وأغرى الناس باختراعات تكنولوجية عجيبة وورع فيهم عدوى الاستهلاك، حضرت الصورة الفوتوغرافية للمطالبة بوقت مستقطع والتذكير بفضائل الاناة والصبر وعدم الإذعان لبهرج الظواهر السائدة. لا نعلم ان كانت الحياة التي عشناها بطيئة او سريعة، رتيبة او مثيرة، لكن ما نعلمه جيدا هو أنّ الصورة هي قلب هذه الحياة النابض. فان خفت خفقانه، فالصورة هي التي تحييه وان تكلست شرايينه فهي التي تضخ فيه دماء جديدة. لا يعني الموت اعتلال القلب وتوقفه، بل يعني ذبول البصر وانطفاءه".
شيراز بن مراد